- مرحبا عمّ
- اهلا يا ابني، تفضّل
- بدي عزبك، سؤال صغير
- قلّي، شو فيّي ساعدك؟
- وين فيّي لاقي شي محل بالمنطقة ببيع كرامات؟
- نعم؟ ما فهمت عليك
- بدي محل ببيع كرامات، في شي واحد قريب؟
- محل ببيع كرامات؟ شو مجنون انت؟
- شكرا يا عم، الهيئة مش رح تقدر تساعدني
ودوّرت سيارتي ومشيت
- عمهلك عمهلك!
اتطلّعت عالمراية، شفتو عم بعيّطلي، ركّبت اريير ورجعت
- أمرني عم
- شو صاير معك يا ابني؟ ليش سيارتك هيك من ورا؟
- قصة طويلة عريضة
- خبّرني
- والله يا عم ما بعرف من وين بدي بلّشلك، ما بعرف كيف الواحد بدو يعيش بهيك وضع وتضلّ كرامتو محفوظة
- قرّب قرّب، صُفّ سيارتك ادّام، ونزال لنحكي شوي
صفّيت السيارة ونزلت. كان هوّي بهالوقت طلب من العامل اللي عندو يعملنا قهوة.
- تفضل يا ابني، قعود!
- شكراً عمّ
- هات لشوف، خبّرني
- عم، انا انسان بحب الحياة، وبموت ببلد اسمو لبنان، خلقت في وربيت في وقضّيت في اجمل ايام طفولتي. اهلي ربّوني عالمحبّة والتسامح، ربّوني حِبّ غيري اكتر ما بحبّ حالي! البيئة اللي كنت عايش فيها بيتمنّوها كتار! كبرت، تعلّمت، بلّشت اشتغل وطلّع مصاري، شفت حالي قد الدنيي، وصرت شوف هالدنيي احلى واحلى، روح ساعة اللي بدّي وارجع ساعة اللي بدّي، ربّيت اصحاب صاروا كلّن متل اخوتي، كل يوم روح معن نقضّي ليالينا سوا، نلعب ورق، نأرغل، ونعيش، وننسى شو عم بصير حوالينا! بلا طول سيرة يا عم، عايش حياة بنحسد عليها.
- بدّك سكّر مع القهوة؟
- لأ شكراً، بشربا مرّة
- تفضّل
- يسلموا
- ايه، كمّلّي
- بتعرف هالفترة وضع البلد كيف. وانا عَ قدّ ما إيماني بالله كبير وعَ قد ما بحب الحياة، كنت قول انّو هالأشيا كلّا بعيدة عنّي ومستحيل يصير معي شي، لحدّ من شهر لورا، دقّيت لرفيقي الصبح ما كان يردّ عليّي. حكيت خيّو، قلّي رفيقك عطاك عمرو مبارح هوّي وراجع عالبيت. خْوِتت وجنيّت! من بعد ما رقت واستفسرت شو صار، عرفت انّو في قرطة زعران جرّبوا يوقّفوه ليسرقولو السيارة، وهوّي ما سمعلن وضلّ ماشي، قوّصوا عليه وقتلوه.
- أُف!!! هيدا بلدنا عم بصير في هيك؟
- ايه يا عم ايه، واكتر! المهم، انا بحكم شغلي، بتنقّل بالمناطق، واليوم اضطريت اجي عَ هالمنطقة، وتعرّضت لنفس الشي اللي تعرّضلو رفيقي من
شهر، وبعزّ دين النهار، فكّرت لوهلة انّو وقّف واعطيهن السيارة، بس دغري خطر عبالي كمان انّو يمكن يقوصوني من بعد ما ياخدوا السيارة، فا قلت لحالي يا صبي جرّب هروب، بلكي بتزبط معك، وهيك صار، والحمدالله طلع حظّي احلى من حظ رفيقي، قوّصوا عالسيارة بس نشكر الله ما صابوها الّا من ورا.
- والله يا ابني قصتك مش هينة، ما بعرف شو بدّي قلّك
- عم، انا هلّق حاسس انو كرامتي بالأرض، من بعد يلّلي صار معي هلّق، وصار مع رفيقي قبلي. بهالبلد يا عم صرت بدّك تدوّر عكرامتك دوارة، او تشتريها شراية، ورغم هيك ما فيك تضمن إنّا تضلّ محفوظة
- هلّق فهمت شو بدّك وعرفت شو عم تسألني. خلّص قهوتك وقوم تقلّك
شربت فنجاني اللي كنت بعد ما شربت منّو شي بكرعة وحدة وقمت معو. قرّبنا عنصّ الطريق
- كمّل دغري يا ابني، وفوت بأوّل مفرق عاليمين وخلّيك رايح دغري، بتوصل عمحل بدلّك عحالو لحالو. بهالمحل يا ابني ما ببيعوا كرامات لأنو بكل بساطة الكرامة ما بتنباع، بس وقت تشوف العالم والمشاهد اللي جوّا، رح تعرف لحالك انّو طالما هيك عالم موجودة، كرامتك محفوظة وبألف خير. الله يحميك ويكون معك يا ابني.
- شكراً كتير يا عم وقهوة دايمة
ركبت بسيارتي ورحت مطرح ما دلني. اول ما وصلت، عرفت انّو "العم" فهم عليّي مزبوط شو بدّي، وفهم عن شو عم بسأل.
اكتشفت انّو كان معو حق بكل شي خبّرني ياه عن هالمحل وحسَّيت انّو مزبوط كرامتي منصانة وقت شفت ادّامي ... ثكنة جيش
Photo Source: www.lebarmy.gov.lb